نُشر في
·3 دقيقة للقراءة

من ابن الحرام اللي مسكر الدخلة لابن الحرام اللي مسكر البلد

Authors
  • Avatar of هاني الشاطر
    Name
    هاني الشاطر
    Twitter

لما تتعارض مصلحة الفرد مع المجتمع، الفرد بختار نفسه—لأنو اذا ما عمل هيك غيرو رح يعملها.

تخيل معي: ممنوع الناس تصف بالدخلة. بيجي واحد بقلك "اذا انا ما صفيت غيري بصف". و دايما الدخلة بتطلع مسكرة.

في علم الاقتصاد بيسمو هذا المفهوم ثمن الفوضى (price of anarchy)، و حل المشكلة انو يكون في وازع يمنع الناس بحيث تصير مصلحة الفرد هي مصلحة المجتمع.

غالباً الأخلاق و الوازع الديني بتزبط، بس أحياناً بطلع واحد بسموه ابن الحرام بنكد على كل المجتمع. في هاي الحالة لازم يكون في عقوبات—العقوبات هي اللي بتخلي الناس تتصرف لصالح المجتمع مش لصالحها، هي الحل الأمثل.

المشكلة بالعقوبات انو مين بدو يقرر هاي العقوبات؟ أكيد رح يكون شخص مهم، بس كيف بدنا نتأكد انو الشخص المهم ما رح يحط مصلحته أولاً؟ هون بنعمل ديمقراطية لننتخب و نحاسب هذا الشخص المهم. و هيك الدخلة ما رح تسكر و هو ما رح يستثني قرايبه.

بس في مشكلة صغيرة؟

هاي الديمقراطية بتعتمد على فكرة انو المجتمع عاقل، بس المشكلة انو المجتمع ككل في أي مجتمع إنساني تفكيره محدود و ما رح يقدر يقيم القادة بشكل مناسب. فكيف بدك تقنعهم ينتخبوا شخص مليح؟

هذا الشخص لازم يحكيلهم قصة خيالية بسموها برنامج انتخابي، و القصص زي ما تعرف بتخلي الإنسان يفكر بشكل مشوه—و هذا الاشي معروف و موثق في علم النفس.

يعني القائد المحترم رح يكذب عشان يوصل و ما رح نقدر نحاسبه لأنا مش فاهمين و رح نصدق القصة اللي بحكيلنا إياها.

و هون بنكون انتقلنا من ابن الحرام اللي مسكر الشارع لابن الحرام اللي مسكر البلد.


بس لحظة، خلينا نرجع خطوة لورا

كل هاي السلسلة—من الفرد الأناني للعقوبات للديمقراطية لفشل الديمقراطية—بتفترض إنه في "فرد أناني بطبيعته" محتاج نظام يسيطر عليه علشان يصير في خلاص مجتمعي.

بس مين قال إنه الأنانية هاي طبيعية؟

الفرد نفسه صنيعة المجتمع. لما "الفرد بختار نفسه لأنه إذا ما عمل هيك غيره رح يعملها"، مين اللي علّم الفرد هاي الطريقة بالتفكير؟ مش المجتمع نفسه؟ مش الخطابات السائدة هي اللي علمتنا نفكر بمنطق "إما أنا وإما هو"؟

يعني إنت بتشخّص المشكلة صح، بس بتقع بنفس الفخ: بتستبدل وهم بوهم. من وهم إنه ممكن يكون في "خلاص فردي" لوهم إنه ممكن نلاقي "خلاص مجتمعي". بتفكك الأنانية وبتوصل لنتيجة إنها فاشلة، بس ضمنياً لسا عم تدور على حل تاني اسمو خلاص مجتمعي اللي خلانا ندور على حل ثالث اسمو صلاح نظام الحكم.

وهون الإشكالية الأكبر

مين بقرر شو هو "الخلاص الجمعي"؟ مين بحدد معاييره؟

لما بتحكي عن "مصلحة المجتمع"، إنت بتفترض إنه في مصلحة واحدة متفق عليها. بس الحقيقة إنه كل خطاب عن "المصلحة العامة" أو "الخلاص الجمعي" هو خطاب سلطة—أي شخص يقرر شو هي المصلحة "الحقيقية" هو شخص بفرض فكر معين وبقصي كل اللي بختلفوا معه علشان ينتج مصلحة معينة.

ابن الحرام اللي مسكر الدخلة وابن الحرام اللي مسكر البلد مش مشكلتين منفصلتين—هم نتيجة لنفس البنية اللي بتخلق التعارض بين الفرد والجماعة من الأساس.

القصة يا صديقي هي صراع مستمر على مين بعرّف المعنى، مين بملك السردية، مين بسمي "الصالح" و"الطالح".

السؤال مش كيف نصل لخلاص الفرد أو خلاص المجتمع، السؤال: ليش لسا مصدقين إنه ممكن يكون في "خلاص" أصلاً؟!


طيب شو الحل؟

طبعاً أنا ما بحكي انو ما في اشي مهم. بس اذا نسينا فكرة الخلاص و بلشنا بحلول واقعية بكون أحسن.

اذا ابن الحرام سكر الدخلة، اشخط سيارتو على طريقة خالي جلال—عمرو ما رح يعيدها.

طبعاً هاي الطريقة علمية و مجربة و بتحقق اللي اسمو توازن ناش (Nash Equilibrium). و حتى في عالِمة اقتصاد اسمها Elinor Ostrom أخذت جائزة نوبل سنة 2009 عن هاي الفكرة.

مسكين يا خالي جلال، لو أبوك وداك مدارس يمكن ربحت جائزة نوبل... أو يمكن صرت موظف في وزارة المياه، الله أعلم.